كيف تغرس في طفلك الثقة بالنفس



تحتاج تربية الأطفال إلى الكثير من الوعي والكثير من الاهتمام والتركيز؛ لأننا نكون 
بصدد التعامل مع كائن شديد الحساسية لكل ما يواجهه ويتعامل معه من مواقف وأحداث ومؤثرات، بمعنى تأثره الشديد بجميع التفاعلات اليومية في محيطه خاصةً أسرته، وتعد صفة الثقة بالنفس من أهم وأخطر الصفات التي تؤثر في حياة الطفل، والتي هي بالأساس صفة مكتسبة وليست فطرية، مما يعني أن الأب والأم لهم الدور الرئيس في تنشئة طفل يثق بنفسه ويقدرها ويستطيع التعامل مع المجتمع أوالعكس.
والثقة بالنفس صفة يمكن غرسها بسهولة في الطفل خاصةً في العمر الصغير حيث يسهل تشكيل شخصية الطفل ويسهل تمرير الكثيرمن الصفات الحميدة والقيم الأخلاقية له؛ وللثقة بالنفس أهمية كبرى في تربية الطفل فهي صفة ستكمل معه مشوار حياته، وقد يستطيع شخص ما افتقد هذه الصفة في طفولته أن يكتسبها في كبره، لكنه يبقى أمراً صعباً يحتاج إلى الكثير من الجهد والدعم والمحاولة المستمرة، لذا فإن الأسهل هو التركيز على إكساب الطفل هذه الصفة منذ صغره كي نكون أدينا الأمانة بالشكل المطلوب.
ويهدف المقال إلى عرض بعض الخطوات البسيطة لمساعدة المٌربي فى عملية إكساب الطفل الثقة بنفسه، وفيما يلي استعراض لأهم النقاط التي يجب مراعاتها لتحقيق ذلك:
1-احترام الطفل وعدم إهانته في كل تعاملاتنا معه مهما صغر سنه وخاصة ً أمام الضيوف والغرباء فلا نقلل من شأنه ولانهينه، وأيضاً لانسمح لأحد بإهانة الطفل أو إحراجه ولابد لنا من التدخل بشكل مباشر في هذه الحالة لتصحيح الوضع فلابد ان يكون الأبوان حائط صد للطفل عن أي تنمر خارجي، ولنعلم تمام العلم أن إهانتنا للطفل أو السماح لأي شخص بفعل ذلك ينشأ عنه طفل مهزوز ضعيف الشخصية والأدهي من ذلك أن تعامل الأبوان تحديداً مع الطفل باستخفاف و شكل مهين يعطي الطفل رسالة مفادها ان هذا الأسلوب في التعامل طبيعي فيتقبله فيما بعد من الآخرين ويسمح لهم بإهانته أو الاستخفاف به.
2- عندما يٌخطئ الطفل فلابد أن نوضح له خطؤه بشكل موضوعي وأننا غاضبون من التصرف الخاطئ ونشرح له أسباب ذلك دون إهانة أو تجريح أو تقليل من شأن الطفل، مع تجنب معاتبته او محاسبته أمام الآخرين بل تبقى دائماً هناك خصوصية.
3- إظهار الحب والمشاعر للطفل وتقبيله واحتضانه بشكل دائم حتى يشعر بمدى حبنا له مع ملاحظة تقديم حب غير مشروط؛ فلانقول للطفل إذا فعلت كذ سوف أحبك، فهذه الجملة الخطيرة مفادها بالنسبة له أننا نحبه فقط إذا تصرف بشكل صحيح ونكرهه إذا أخطأ، بل نحن نحبه في كل الأحوال ولابد أن يصل إليه ذلك الشعور لأن الحب المشروط يٌشعر الطفل بعدم الأمان ويٌزعزع ثقته في نفسه.
4- عدم مقارنة الطفل بأقرانه سواء أحد إخوته أو أقاربه أو أصدقائه، فالمقارنة قاتلة تٌفقد الطفل ثقته في نفسه وتٌورث بداخله مشاعرالنقص والحسرة تجاه نفسه والحقد والكره تجاه الآخرين، وبالطبع هي تقضي تمامًا على ثقته بنفسه.
5- الثناء على الطفل عندما يقوم بعمل جيد فلابد دائماً أن نشجعه ونردد على مسامعه عبارات إيجابية عن نفسه فهذا كفيل بتشجيعه ورفع معنوياته والمساهمة في تحسين سلوكه، كما أن ترديد الرسائل والتأكيدات الإيجابية على مسامع الطفل يجعلها تترسخ في عقله الباطن ثم يترجمها فيما بعد إلى سلوك.
6- تدريب الطفل منذ صغره على تحمل بعض المسؤوليات المنزلية ونبدأ معه بالتدريج حسب عمره؛ فيرتب ألعابه وملابسه وسريره ثم نتدرج معه في المساعدة في المهام المنزلية مثل تجهيز المائدة ورفعها ومسح الأسطح وترتيب الأطباق وأدوات الطعام في أماكنها وطي الملابس وغيرها من المهام المنزلية البسيطة والتى تٌعزز ثقته بنفسه وتعطيه رسائل إيجابية بأنه شخص فعال في الأسرة ويٌعتمد عليه.
7- إشراك الطفل في بعض القرارات العائلية البسيطة مثل اختيار مكان فسحة نهاية الأسبوع أو اختيار وجبة الغداء في يوم العطلة، ومشاورة الأطفال في بعض القرارات العائلية الحيوية إذا كانو في سن أكبر، فيشعر الطفل أن رأيه مهم ويؤخذ في الاعتبار مما يعزز ثقته بنفسه وقدرته على التفكير والاختيار.
8- الانتباه الكامل للطفل عندما يتحدث إلينا والإصغاء إليه جيداً دون الانشغال عنه بأي شئ آخر مع تركيز النظرعليه بشكل مباشر حتى يشعر بالاهتمام والاحترام، وسوف يكون لذلك تأثير إيجابي عليه فاحترامه لنفسه مستمد من احترامنا نحن له، فينشأ واثقاً من نفسه معتداً بشخصيته محترماً لذاته، ولن يقبل مستقبلاً من الآخرين تجاهله أو إهانته أو الاستخفاف به.
9- إعطاء الطفل تأكيدات إيجابية عن نفسه، فيجب الحرص دائماً على تشجيع الطفل ورفع معنوايته فلا نقلل من شأنه ولا نعطيه رسائل سلبية عن نفسه، وهذه من أخطر النقاط في التربية والتي تحتاج إلى الوعي الكامل من الوالدين، يجب أن يفهم الوالدان ويدركوا جيداً مدى خطورة الكلمة في رحلتهم لتربية الأطفال، الكلمة التي يتلفظ بها الأبوان عن الطفل هي بالنسبة له صورته عن نفسه التي ينسجها في مخيلته لذا يجب علينا ان نردد علي مسامع الطفل كل ماهو جميل عن نفسه فنقول له: أنت جميل، أنت رائع، أنت بطل، أنت مهذب، فتترافق عملية التهذيب والتربية وتصويب الأخطاء مع الكثير من التشجيع والدعم وغرس التقبل والرضا بداخل الطفل، فعلى سبيل المثال إياك أن تنتقد شكل الطفل كلون بشرته أو شكل شعره، فلا نسخر من ملامحه حتى ولو كانت بنظر الناس دميمة، فدائماً تكون رسائلنا عن شكله ومظهره إيجابية مع غرس قيمة أن التفاضل بين الناس عند الله بالتقوي والأخلاق وليس بالشكل أو مقدار الجمال، فيصبح الطفل واثقاً من مظهره محباً لنفسه متصالحًا معها، متقبلاً لشكله بالصورة التي خلقه الله عليها، وحينها نكون قد رحمناه من شبح الشعور بالنقص وضعف الثقة بالنفس، وأيضاً نكون ساعدناه في حماية نفسه من التنمر الموجود في المجتمع بشكل فج لأن نفسيته ستكون أقوى وثقته بنفسه أكبر.
10- إشراك الطفل في أنشطة اجتماعية ورياضية بحسب العمر، فالاحتكاك بالمجتمع يزيد من خبرات الطفل ويساعده علي التعلم بالصواب والخطا ويعطيه المجال لممارسة الكثير من التطبيقات العملية على مانقوم بتعليمه إياه من قيم وسلوكيات، كما أن ممارسة الرياضة تعزز من ثقة الطفل بنفسه وتهيؤه لتقبل الاحتكاك بالمجتمع والاندماج فيه على اختلاف أنماط البشر، وتجعله يتقبل فكرة المكسب والخسارة وغيرها من الفوائد التي تعزز من ثقته بنفسه.
استعرضت فيما سبق مجموعة من النقاط من وجهة نظري و التي قد تساعد الأبوين على غرس الثقة بالنفس في أطفالهم، وفي النهاية نصيحتي لكم في رحلتكم في تربية الأطفال والتي أرى أنها السلاح الأول في عملية التربية بل أعتبرها المفتاح السحري لحل الكثير من المشكلات وبدونها لن تفلح أية خطط أودورات تربوية، وهي: (إظهار حبكم لأطفالكم ومشاعركم تجاههم)، بالتأكيد الجميع يحبون أطفالهم ولكنني أتكلم هنا عن إظهار هذا الحب بشكل واضح ليس من خلال التصرفات فقط ولكن من خلال التعبير اللفظي أيضاً؛ ولللأسف فإن شريحة كبيرة من الناس قد لاتنتبه إلى تلك النقطة أو لنقل أننا ربما لم نعتد ذلك الأمر، لذا فلنحاول تعويد أنفسنا على ذلك، أخبروا أطفالكم دون مناسبة أنكم تحبونهم، رددوا على مسامعهم تلك الكلمة الساحرة (أحبك)، احتضنوهم وقبلوهم كثيراً على مدار اليوم، وادعوا لهم بصوت يسمعونه عند مغادرتهم في الصباح واستقبلوهم بفرح وترحاب عند عودتهم من المدرسة، أمسكو بأيديهم الصغيرة بحنو وامسحو على رؤوسهم وابتسمو في وجوههم كلما التقت أعينكم، كل هذه الأمور تبعث إلى الطفل برسائل من الحب وتقول له بشكل عملي: (أنا أحبك، أنا فخور بك) وتحيطه بشعور جميل من التقبل والثقة والسعادة، كما تعطيه إشباع نفسي من معاني الحب والمشاعر الجميلة، وإشباع وجداني من معاني الاستقرار والأمان والثقة بالنفس، فقط ببساطة عبروا لأطفالكم عن مشاعركم.

تعليقات

  1. احسنت حبيبتي واستفضتي واوضحتي خير وضوح، كلماتك تنير هذا الطريق للغافلين عنه، لما يكبروا عيالي عقولهم أن فيه واحدة صاحبتي بفتخر بيها علطول وان وانا تفضل علي بيها في كثير من ما يتعلق بحياتي،،اجدت

    ردحذف
    الردود
    1. حبيبتي ربنا يكرمك دة من كرم أخلاقك ،،مين عشان الإسم مش ظاهر عندي 😍

      حذف

إرسال تعليق